تتأهب المملكة العربية السعودية، صاحبة أكبر سوق للتمويل الإسلامي عالميا،[1] لتصبح رائدة صناعة الخدمات المالية الإسلامية على الصعيد العالمي. جاء ذلك ضمن أبرز النتائج التي خلصت إليها أول دراسة تفصيلية من نوعها تتناول قطاع التمويل الإسلامي في المملكة العربية السعودية، وهي مبادرة قام بها المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، عضو مجموعة البنك الإسلامي للتنمية.
وكان المعهد قد أعلن عن تدشينه تقرير التمويل الإسلامي في المملكة العربية السعودية على هامش قمة مجموعة العشرين المنعقدة في المملكة العربية السعودية في الفترة من 21-22 نوفمبر 2020م.
وأوضح التقرير الذي يحمل عنوان: “التمويل الإسلامي في المملكة العربية السعودية: الريادة نحو رؤية 2030م” أن أصول التمويل الإسلامي في المملكة العربية السعودية بلغت 879 مليار دولار أمريكي (3297 مليار ريال سعودي) بحلول نهاية عام 2018م مما يجعل المملكة أكبر سوق تمويل إسلامي على مستوى العالم.
توزيع الأصول المالية في المملكة العربية السعودية لعام 2018
الأصول المالية الإسلامية | إجمالي الأصول المالية | |||||
مليار دولار أمريكي | مليار ريال سعودي | النسبة المئوية | مليار دولار أمريكي | مليار ريال سعودي | الأصول | |
409.0 | 1,533.8 | 64.9% | 630.2 | 2,363.4 | الأصول المصرفية | |
333.0 | 1,248.8 | 67.2% | 495.7 | 1,858.8 | سوق الأسهم | |
98.6 | 369.8 | 100.0% | 98.6 | 369.8 | الصكوك القائمة | |
19.1 | 71.6 | 80.0% | 29.8 | 111.9 | الأصول تحت الإدارة | |
15.6 | 58.5 | 100.0% | 15.6 | 58.5 | التأمين | |
3.8 | 14.4 | 100.0% | 3.8 | 14.4 | شركات التمويل | |
879.2 | 3,297.0 | 1,273.8 | 4,776.8 | الإجمالي |
توزيع أصول النظام المالي الإسلامي حسب القطاعات في المملكة العربية السعودية لعام 2018 (مليار ريال سعودي)
وخلص التقرير إلى أن التمويل الإسلامي ينتظره مستقبل واعد في المملكة بصفتها أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط. فبفضل مواردها الطبيعية والبشرية الكبيرة، وموقعها الفريد بوصفها مركز قبلة المسلمين حول العالم، ونظامها المالي المتطور والمرن، وقيادتها ذات الرؤية الثاقبة، تمتلك المملكة المكونات اللازمة للاستفادة من الزخم الهائل الذي يمكن أن يسهم به التمويل الإسلامي من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي والازدهار الاجتماعي.
ويبرز التحليل الذي تضمنه التقرير الجهود المتعددة والمتنوعة التي بذلتها المملكة نحو تحقيق رؤية 2030م، آخذة بعين الاعتبار ريادة الأعمال والابتكار، إلى جانب استخدام التقنية المالية المتقدمة.
ويقدم التقرير من خلال فصوله الثمانية تحليلا عميقا للمشهد العام والتوجهات والإمكانيات والآفاق المتاحة في مجال التمويل الإسلامي في المملكة العربية السعودية.
يسلط الفصل الأول من التقرير الضوء على السمات المميزة لاقتصاد المملكة العربية السعودية ونظامها المالي، ويناقش العديد من الجهود النوعية التي شرعت المملكة في تنفيذها من خلال العديد من البرامج الإصلاحية، ومنها برنامج تطوير القطاع المالي الذي يهدف إلى تعزيز وتقوية مكانة المملكة الريادية في المنطقة وعلى الصعيد العالمي. كما يوضح الفصل حصول المملكة العربية السعودية على 70 درجة في مؤشر التنافسية العالمية 2019م، الذي حصلت فيه سنغافورة على100، وهي أعلى درجة، واحتلت المملكة المرتبة 36 من بين 141 دولة، مقارنة مع المرتبة 39 التي احتلتها المملكة عام 2018م. كما تميزت المملكة في موقعها التنافسي على الدول الأعضاء ضمن مجموعة العشرين وفق تصنيف كل من IMD والمنتدى الاقتصادي العالمي WEF، حيث احتلت المملكة الرتيب ٢٤ و٣٦ على التوالي.
تصنيف التنافسية العالمية
تصنيف IMD (٦٣ دولة) | تصنيف WEF (١٤١ دولة) | |
المملكة العربية السعودية | 24 | 36 |
أندونيسيا | 40 | 50 |
تركيا | 46 | 61 |
ويشرح التقرير في الفصل الثاني مرونة القطاع المصرفي في المملكة وأداءه المشجع، ويتطرق إلى العائد على أصول المصارف الإسلامية الذي تفوقت فيه على نظيراتها من الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، خاصة إندونيسيا وتركيا.
وينطبق هذا الأمر أيضًا على العائد على حقوق الملكية، إذ إن عائد المصارف الإسلامية في السعودية سجل أداءً أفضل مما سجلته المصارف في الدول الأعضاء في مجموعة العشرين وماليزيا، باستثناء تركيا التي سجلت 18٪ عام 2018م.
وبشكل عام، فقد أظهرت التحليلات المعمقة في الفصل الثاني من التقرير أن قطاع المصرفية الإسلامية في المملكة راسخ وقادر على المنافسة بقوة، مما يمهد للمملكة الطريق للريادة الإقليمية والعالمية في هذه الصناعة.
أما الفصل الثالث فيسلط الضوء على آخر المستجدات في أداء سوق رأس المال في المملكة، حيث يشهد سوق رأس المال السعودي، الذي يعد أكبر سوق في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، تغيرات متسارعة مدعومة بتطوير البنية التحتية المتقدمة والأسواق والمنتجات والخدمات الجديدة. وقد ارتفع تقييم السوق في تصنيف (FTSE) و(Russell) و(MSCI) إلى مرتبة الأسواق الناشئة، في حين يتطور سوق الصكوك في المملكة بشكل سريع نسبيًا، حتى أصبحت المملكة في الوقت الحالي ثاني أكبر مُصدِر للصكوك على مستوى العالم بعد ماليزيا.
ويوضح الفصل الرابع التنظيم الجيد في سوق التأمين التعاوني السعودي، ويظهر أنه على الرغم من أن انتشار التأمين وكثافته ما زالا متواضعين نسبيًا، فإن المملكة العربية السعودية هي ثاني أكبر سوق تأمين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا- بعد الإمارات العربية المتحدة- حيث استحوذت على 20,3٪ من إجمالي أقساط التأمين المكتتبة في المنطقة في عام 2018م. وتمثل كل من المملكة العربية السعودية وماليزيا والإمارات العربية المتحدة أسواق التأمين الإسلامية الرئيسة، حيث شكلت مجتمعة أكثر من 87٪ من إجمالي الاشتراكات في عام 2017م. وفي ظل رؤية 2030م ستكون هناك فرص وفيرة لازدهار قطاع التأمين إذا ما تم تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية بمنهج منسجم ومدروس.
ويستعرض الفصل الخامس الإمكانات الهائلة لقطاع الأوقاف في المملكة، إلى جانب العديد من المبادرات النوعية من أجل تعزيز قطاع التمويل الاجتماعي. وعلاوة على ذلك، فإن الإصلاحات المتتالية والانفتاح المتنامي على الاستثمار الأجنبي من المتوقع أن تزيد حجم الأوقاف في المملكة. ويتناول هذا الفصل أيضاً دور المؤسسات الائتمانية المتخصصة الذي يساعد على تحقيق أهداف رؤية 2030م من خلال المساهمة في التحول الاقتصادي والاجتماعي للمملكة.
يسلط التقرير الضوء أيضًا على استجابة المملكة السريعة لمكافحة كوفيد-19، الجائحة العالمية غير المسبوقة والمفاجئة كذلك؛ مما دفع فريق عمل التقرير إلى إدخال عنصر إضافي ضمن خطة كتابة التقرير.
ويتناول الفصل السادس منظومة ريادة الأعمال والابتكار في المملكة، حيث تنمو أنشطتها بشكل متسارع، مع تزايد في أعداد الصفقات والتمويلات والمستثمرين والمبادرات الحكومية، كما يقارن بين المملكة وغيرها من الدول المماثلة، ويقدم توصيات محددة لتعزيز منظومة الابتكار في البلاد.
ويبرز الفصل السابع من التقرير العديد من المعطيات المشجعة التي تؤكد أن المملكة العربية السعودية تمتلك كافة المقومات لتصبح مركزًا عالميًا للتقنية المالية (Fintech) في التمويل الإسلامي، فهي تمتلك مجتمعاً ذكياً في مجال التكنولوجيا مع انتشار واسع للإنترنت، وتقل أعمار غالبية السكان عن 35 عامًا؛ مما يجعل تبني التقنيات الجديدة أسرع وأسهل بكثير. وقد أنشأت المملكة مبادرة (فينتك السعودية) للعمل بمثابة محفز من أجل تطوير منظومة التقنية المالية، مدعومة بلوائح تنظيمية مرنة، للتعامل مع صناعة التقنية المالية التي تتسم بتسارع وتيرتها، مما يعكس بشكل جلي أن المملكة العربية السعودية تأخذ التحول الرقمي على محمل الجد.
ويبين الفصل الثامن أن المملكة العربية السعودية، نظرًا لإمكانياتها الهائلة والعديد من المزايا النسبية الفريدة، بإمكانها أن تصبح رائدة صناعة الخدمات المالية الإسلامية على الصعيد العالمي، وذلك من خلال الاستفادة من تميزها في مجالين:
ويحدونا الأمل في المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب أن يتمكن القراء في جميع أنحاء العالم من الاستفادة من التحليل المفصل في التقرير، ونرحب بأي تعليقات بناءة لتطوير هذا المنتج المعرفي.
[1] من بين اقتصادات ذات الأنظمة المالية المزدوجة (أي التي تضم كلا من التمويلين التقليدي والإسلامي).